قال غروسي إن زيارته إلى طهران تهدف إلى «مناقشة سُبل تحسين وصول مفتّشي الوكالة إلى المواقع النووية الإيرانية»
الأخبار
الخميس 17 نيسان 2025
على رغم أنّ صدور مواقف «متضاربة» عن مسؤولي الإدارة الأميركية لم يَعُد مستغرباً، لكن، ممّا لفت، في اليومين الماضيين، التبدُّل السريع في موقف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، حول «شروط» التوصُّل إلى اتفاق مع إيران، وتحديداً في ما يتعلّق بمسألة تخصيب اليورانيوم. وبعد يوم واحد من تلميح ويتكوف - الذي أصبح يُعرف بـ«مبعوث ترامب لكل شيء» -، في مقابلة إذاعية، إلى إمكانية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم عند «مستوى منخفض»، لا يتعدّى الـ3.67% للأغراض المدنية، عاد المبعوث ليؤكد، في منشور عبر منصّة «إكس»، أول أمس، أنّ على طهران أن «تتخلّى» عن برنامج التخصيب بـ«الكامل»، وهو ما أثار مخاوف في شأن مستقبل المفاوضات التي يُتوقّع أن تُستأنف، السبت المقبل، في العاصمة الإيطالية، روما. واعتبر ويتكوف أنه «يجب على طهران وقْف برنامج التخصيب النووي وإزالته تماماً، إضافة إلى برنامج التسلُّح النووي».
ويبدو أن طهران قرأت التغيّر في اللهجة الأميركية، باعتباره «نقطة تحوّل» في المفاوضات؛ إذ لفت وزير خارجيتها، عباس عراقجي، أمس، إلى أنّ «مواقف أميركية مختلفة، بل متناقضة، باتت تصدر عن المسؤولين الأميركيين»، محذّراً من أنّ ذلك «لن يسهم بأيّ حال من الأحوال في وضع عملية التفاوض على المسار الصحيح». وتابع عراقجي: «يجب التعرّف إلى وجهات النظر الحقيقية للجانب الأميركي خلال المفاوضات»، مشيراً إلى أنّه في حال لم يقدّم الطرف الآخر «مواقف بنّاءة في هذا الإطار، فإن العمل سيصبح صعباً في ظل المواقف المتناقضة والمتعارضة».
وفي ردّ مباشر على «شرط ويتكوف»، شدّد المسؤول الإيراني، أيضاً، على أنّ بلاده تَعتبر قضية تخصيب اليورانيوم «غير قابلة للتفاوض»، مشيراً، في المقابل، إلى أنّ طهران مستعدّة لإرساء «الثقة» والاستجابة لأيّ «مخاوف» محتملة إزاء برنامجها النووي.
وعلى هامش التطوّرات الحاصلة، استقبلت طهران، أمس، المدير العام لـ«الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافائيل غروسي، فيما أفادت وكالة «إرنا»، نقلاً عن نائب وزير الخارجية، كاظم غريب آبادي، بأن الزائر سيلتقي مسؤولين كباراً، من بينهم الرئيس مسعود بزشكيان، وعراقجي. من جهته، كتب غروسي، عبر منصة «إكس»، أن زيارته إلى طهران تهدف إلى «مناقشة سُبل تحسين وصول مفتّشي الوكالة إلى المواقع النووية الإيرانية»، مؤكداً «ضرورة استمرار التعاون والتواصل مع إيران، في وقت تشتدّ فيه الحاجة إلى حلول دبلوماسية». ويتوقّع مراقبون أن يقتصر النقاش بين غروسي والمسؤولين الإيرانيين على مدى الصلاحية التي ستمنحها طهران لمفتشي «الوكالة» بموجب أيّ صفقة مستقبلية.
اعتبرت طهران أن نقل مكان المحادثات «قد يُفسّر على أنه افتقار للجدية وحسن النيّة»
ومن جملة الخطوات الأميركية الأخرى التي من شأنها أن تقوّض العملية التفاوضية، إصرار الجانب الآخر، في ما يبدو، على عقد جولة المفاوضات الثانية في أوروبا، وتحديداً روما، بدلاً من مسقط - المفضّلة بالنسبة إلى الإيرانيين -، وهو ما علّقت عليه الخارجية الإيرانية، بالقول إنّ نقل مكان انعقاد المحادثات «قد يُفسّر على أنه افتقار للجدية وحسن النيّة»، كما أنه قد «يعرّض انطلاقة المفاوضات للخطر».
وفي الوقت نفسه، تمضي إدارة ترامب في تصعيد ضغوطها على إيران، إذ أكّدت الخارجية الأميركية، أمس، أن الرئيس ملتزم بخفض صادرات النفط الإيرانية «غير المشروعة إلى الصفر»، متحدّثة عن فرض عقوبات جديدة على «كيانات مرتبطة بإيران»، جنباً إلى جنب تطبيق جميع العقوبات في إطار «حملة الضغوط القصوى».
إلى ذلك، أفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأنّ إدارة ترامب منقسمة بين «معسكرين» في ما يتعلّق بالمفاوضات مع طهران، وسط إجماع لدى الفريقين على أنّه «من دون اتفاق»، فإنّ الخيار الوحيد الآخر المرجّح، هو الحرب.
ويشعر الفريق الأول، والذي يضمّ إلى ويتكوف، وزير الدفاع بيت هيغسيث، ومسؤولين آخرين، بالقلق من أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية «سيعرّض الجنود الأميركيين في المنطقة للخطر»، كما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في وقت «حسّاس» بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي. أمّا الفريق الآخر، فيعتبر أن لا ينبغي للولايات المتحدة أن تمنح طهران أيّ «تنازلات»، بل أن تتمسّك، في المقابل، بتفكيك «البرنامج النووي بالكامل». وفي حال عدم «امتثال» الجمهورية الإسلامية، يطالب هؤلاء إمّا بضربها مباشرة، أو بدعم هجوم إسرائيلي عليها.
وفي إشارة إلى رغبة طهران في منح موسكو دوراً أوسع في المفاوضات المرتقبة، ردّ عراقجي على سؤال حول الزيارة التي بدأها إلى روسيا، أمس، مؤكداً أنّ الهدف منها هو «تسليم رسالة من القائد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي، إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين». وتعقيباً على ذلك، أكّد الكرملين، أمس، أن روسيا «مستعدّة» لبذل «كل ما يمكن» للمساعدة في إيجاد تسوية دبلوماسية للملف النووي الإيراني.